أحدث المواضيع

3/recent/post-list

سباق التسلح...صراع الجبابرة

الكاتب: العلوي حسن
لقد كان سعي الإنسان للبقاء ، و حماية نفسه و ممتلكاته ، هاجسا كبيرا أستحوذ على تفكيره منذ الأزل ، فقد كان بحاجة الى التفكير في وسائل للدفاع عن نفسه ، ليكسب موازين القوى ، و بالتالي ضمان بقائه ، و إستمرار وجوده على وجه الأرض ، ومن هذه الوسائل التي فكر فيها الإنسان  نجد الأسلحة ، التي إحتلت حيزا هاما من تفكير الإنسان ، فشعار الطبيعة الذي يعتمد على البقاء للأقوى ليس في صالحه ، أمام تواجد قوى أخرى تتجاوز طاقته المحدودة ، لذلك لابد من إستخدام السلاح ، الذي سيخول له البقاء ، سواء في الدفاع عن نفسه ، أو ضمان قوت يومه ،وقد تطور السلاح الذي كان في البداية ، مجرد عصي ، ثم عصي بققم حادة من الحجر ، لتأتي بعد ذلك الرماح و السيوف و الدروع ، لتتطور بعد ذلك لتصبح الأسلحة نارية ، لتصبح بعد ذلك كما هي عليه  الٱن من تطور و خطورة في نفس الوقت ، فما أسباب هذا التطور الحاصل في مجال الأسلحة ؟ وماهي اسباب الإقبال على شرائه من لدن الدول في القرون الأخيرة ؟ و ماهي الدول الرائدة في تصنيعه ؟ و ما سلبيات إنتشار حمى السلاح التي يشهدها العالم حاليا ؟
لقد أدت المشاكل الإقتصادية و السياسة ، الى تشكيل أحلاف عسكرية لحماية المصالح و تأمينها و بحث سبل تطوير القدرات الحربية ، إذ تعد الحروب العامل الأساس لزيادة  الطلب على الأسلحة ، كما أدت ايضا الى تطوير هذه الأسلحة لتشمل ماهو بري و جو و بحري ، لتطفو على السطح مؤسسات و شركات حكومية و غير حكومية ، تهتم بتطوير و تصنيع الأسلحة ، و جعلها تواكب متطلبات العصر، فالاسلحة أيضا أصبحت تكتسي طابع السياسوية  ، إذ تعد ورقة ضغط بيد الدول المصنعة على حساب الدول المستهلكة ، فليس بإمكان أي دولة معينة شراء سلاح من انتاج دولة معينة اخرى، فيجب أن يكون هناك توافق في الرؤى و المواقف السياسية من قضايا العصر ، كما يستوجب في الغالب أن تكون الدولة المستهلكة من نفس معسكر الدولة المصنعة ، و الا فسيكون هناك عراقيل في المفاوضات على شراء الأسلحة ، كما تعد صناعة الأسلحة صناعة إحتكارية ، تمر في أجواء سرية ترتبط بالاسرار العلية للدولة المصنعة ، فليس بمقدور أي دولة صناعة الأسلحة إن لم تكن تحظى بموقع بارز في الساحة السياسية و الإقتصادية الدولية .
لقد عرف عام 2018 م أكبر زيادة على مستوى ميزانيات وزارات الدفاع ، حيث قدرت ب 1780 مليار دولار ، و ذلك راجع الى إقبال حلف الاطلسي على تدعيم ترسانته من الاسلحة ، بالإضافة الى ضخامة الصفقات السعودية المرصودة للسلاح و التي قدرت ب 56 مليار دولار ، فمن المتوقع أن تصل هذه الزيادات في ميزانيات الدفاع الى 989 مليار دولار هذه السنة.
تعد أمريكا من أبرز مصدري السلاح في العالم ، خصوصا مع تولي ( دونالد ترامب ) لمنصب الرئاسة في أمريكا ، إذ عرفت صادرات السلاح الأمريكي زيادة مهولة ، حيث عملت الحكومة الحالية على تخفيف القيود على عمليات الشراء ، ووضعها لضمانات لتسهيل إبرام الصفقات ، و تشمل صناعة الأسلحة الأمريكية ، كل أصناف الأسلحة تقريبا من أسلحة نارية يدوية ، و قنابل ، و طائرات و سفن و غواصات ...، و من ابرز الشركات الأمريكية في هذا المجال ( لوكهيد مارتن ، جنرال دايناميكس ...) ، كما تعد روسيا ايضا دولة رائدة في مجال صنع الأسلحة ، و ذلك راجع الي سياستها الحديثة التي تصب في إتجاه إعادة تحديث جيشها ، كما تعد شركتها المصنعة ، واحدة من ضمن أقوى عشرة شركات مصنعة في العالم ، و تأتي روسيا وراء أمريكا و متفوقة على قوى أخرى كبريطانيا و الصين و الهند ،فالصراع بين أمريكا و روسيا على مجال الأسلحة على غرار المجالات الأخرى مازال على أشده، سواء بتطويره او تصنيعه او حتى إمتلاكه، الشئ الذي دائما ما يولد تخوفا من لدن المهتمين ، على أن تنشب حرب ضارية نتيجة هذا التسابق، خصوصا مع تطوره ليشمل السلاح النووي ، لان إمتلاك السلاح النووي ، يعني التفوق الكامل و السيطرة على العالم ، أن هذا التسابق أيضا يعد سببا غير مباشر لمجموعة من النزاعات الإقليمية التي عرفها العالم منذ نشوء ما يسمى المعسكرين ( الإشتراكي و الرأسمالي ) ، و نشوب الحرب الباردة بين الإتحاد السوفياتي و أمريكا ، فهذا التسابق ما فتأ يغذي الصراعات الإقليمية ، فالصراع أو الحرب بالنسبة لقوى السلاح الكبرى ، تعني إنتعاش بيع الأسلحة و كثافة تصنيعها ، ما يضمن عائدات بمليارات الدولار ، رغم نداءات المنظمات الانسانية المطالبة بوقف إمدادات الأسلحة للأنظمة المستبدة ( النظام السوري ضد السوريين ، النظام السعودي ضد اليمنيين ...) ، و ذلك لما ينتج عن إستخدام هذه  الأسلحة من إنتهاكات و حصد لأرواح الابرياء .
أن السباق نحو التسلح سواء بتصنيعه او إمتلاكه ، يعبر في حد ذاته خطرا محدقا بالوجود الإنساني ، فأمريكا كقوة صناعية كبرى في صناعة الأسلحة ، ليست مستعدة للتخلي عن هذه الصناعة لما تدره من نفوذ و مداخيل ضخمة على ميزانية الدولة ، و كذى لحماية مصالحها عبر العالم خصوصا في الخليج، بل زادت من قدراتها التصنيعية لتشمل صناعات محظورة ، و قد لوحظ هذا ايضا مع صعود ( دونالد ترامب ) ، الذي لمح غير ما مرة الى نيته من الإنسحاب من الاتفاق العسكري الموقع بين أمريكا و روسيا عام1987 م ، الذي كان يقضي بوقف السباق نحو التسلح بين القوتين و الذي سمي ب ( معاهدة القوى النووية متوسطة المدى ) ، مما يعني صراعا أبديا بين هاتين القوتين ، سيخلف لا محالة عواقب وخيمة لا تحمد عقباها .

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.