الكاتب: العلوي حسن
تعد تركيا دولة مسلمة إذ تقطنها غالبية مسلمة من سكانها ، و تقع تركيا في الشرق الأوسط ، و يشمل حيزها الجغرافي جزءا من أوروربا ، فيما الحيز الباقي و الأكبر ينتمي لقارة ٱسيا ، تتبنى تركيا نظاما سياسيا علمانيا جمهوريا.
تعتبر تركيا بلدا عريقا و ذو رصيد ثقافي غني، و ذلك لبنيته المجتمعية المتنوعة ، و تمركزها وسط قارتين مختلفتين ،تعد تركيا موطنا لأحدى أقوى الامبراطوريات التي شهدها العالم ، وهي الإمبراطورية العثمانية ، حيث كانت تركيا مركزا لها و لحكمها الذي شمل جزءا كبيرة من الأرض، فما موقع تركيا من السياسة الدولية ؟ و كيف تقوم بتدبير سياستها مع القوى الكبرى ؟
لقد عرفت العلاقات التركية الغربية ، نوعا من التحفظ و الإحتياط و التذبذب من كلا الطرفين و ذلك منذ أمد بعيد، فالإمبراطورية العثمانية شكلت منذ نشأتها كابوسا مرعبا ، و تهديدا كبيرا لأوروبا و الغرب عامة نظرا للقرب الجغرافي ، هذا التهديد الذي تزايد مع إتساع الامبراطورية العثمانية ، و قيامها بالتوغل في أوروبا ، و الذي إمتد الى جنوب شرق أوروبا و وصل الى مشارف فيينا، الشئ الذي يجعل الغرب أكثر حذرا و صرامة في مواجهة هذا الكيان الإسلامي القوي،ليتبنى بذلك خططا شيطانية تركزت على إشعال الفتن ، و بث التفككات بين الأعراق المختلفة في جل الأجزاء الشاسعة للإمبراطورية المسلمة، و بالكاد نجح الغرب في مسعاهم هذا ،إذ ستعطي سياستهم هذه أكلها ،خصوصا في أواخر عمر الإمبراطورية العثمانية مع تولي السلطان عبد الحميد لسدة الحكم، هذا الأخير سيكون ٱخر السلاطين العثمانيين ، قبل إنهيار الامبراطورية و سقوطها عام 1922 م.
لقد شكل إنهيار الامبراطورية العثمانية حدثا بارزا ، أثر بشكل كبير على البنية السياسية و الجغرافية للشرق الأوسط، و عموم المناطق التي كانت تابعة للإمبراطورية العثمانية ،أبرزها تركيا التي كانت القلب النابض للإمبراطورية العثمانية، فتركيا ستعرف حراكا سياسيا شاملا ، تولد عنه صعود طبقة سياسية جديدة ، إنتهجت أساليب الحداثة و التطور و الانفتاح على الغرب و السير على خطاه في كل المجالات ،و من هذه الطبقة السياسية نذكر ، مصطفى كمال أتاتورك و الذي تقلد منصب رئاسة تركيا ، و يلقب بصانع الدولة التركية الحديثة.
لقد نهج مصطفى كمال أتاتورك ، سياسة الإنفتاح على الغرب ، و جعلها مبدأ أساسيا ، و نقطة لإنطلاق الإصلاح الشامل في تركيا ، فتطبيقا لنهجه سعى مصطفى كمال أتاتورك الى إجتثاث تركيا من جذورها المشرقية و الإسلامية ، ليلبسها العباءة الغربية ، كمحاولة لإرضاء و دعم حكمه من لدن الغرب، و من ضمن الإجراءات التي إتخذها مصطفى كمال أتاتورك أيضا ، التخلي عن اللغة العربية ، و إعتماد الحروف اللاتينية ، و فصل الدين عن الدولة ، و إعلان تركيا بلدا علمانيا ، لتدخل تركيا بذلك عصرا جديدا في علاقاتها مع الغرب عرفت أوجها ٱنذاك و لم تعرف تركيا مثيلا لها لا قبل و لا بعد ، فقد عرفت العلاقة بين الطرفين انتعاشا قويا على مختلف الأصعدة ، سواء سياسيا أو إقتصاديا أو عسكريا ، بحيث سيتوج هذا الانفتاح بإنضمام تركيا الى حلف الناتو عام 1949 م ،ليستمر هذا التفاهم الغربي التركي لسنوات، رغم ما سيتخلله من سوء تفاهمات خصوصا ابان حرب قبرص و الصراع التركي اليوناني، الى حدود منتصف التسعينيات ، إذ سيشكل رفض الإتحاد الأوروبي للطلب التركي بالإنضمام الى الإتحاد الأوروبي ، نقطة تحول في العلاقات الثنائية ، سيطبعها التوتر و الخلاف ، إذ سيزداد هذا التوتر مع صعود حزب العدالة و التنمية الاسلامي الى الحكم ، الشئ الذي لن يروق الغرب و مصالحه في المنطقة .
لقد سعى حزب العدالة و التنمية التي تبديد تخوفات الغرب من و صوله للسلطة ، و ذلك في عديد خرجاته الإعلامية ، حيث تبنى في سياسته إستمرار الإنفتاح التركي على الغرب، لكن مع مراعات اصول تركيا الاسلامية المشرقية،
إن نجاح حزب العدالة و التنمية في تركيا ، و تحقيقه لمنجزات إقتصادية و إجتماعية كبيرة ، و إخراجه لتركيا من أزمة إقتصادية خانقة ، أدى الى تأجج العداء الغربي لهذا البلد و نظامه الحاكم ، فالنموذج التركي أصبح نموذجا أكثر شعبية ، لا سيما بعد مطالبة الشعوب العربية به إبان حراك الربيع العربي ، الشئ الذي ولد تيارا مضادا من طرف بعض العرب المسلمين ، الذين إنضموا الى الحملة الغربية على تركيا ، بتحريض من أمريكا التي تخاف من عودة النموذج التركي لقيادة العالم الإسلامي من جديد ،ليشن الغرب بعد ذلك حملة شرسة على تركيا بمساعدة بعض الأذناب من العرب المسخرين ،عن طريق دعم الزعيم التركي المعارض عبد الله غولن و إستضافته من طرف أمريكا ، بالإضافة الى تدبير محاولة الإنقلاب الفاشلة عام 2016 م ، للإطاحة بالرئيس رجب طيب أردوغان من قبل و كالة الإستخبارات الأمريكية ، لتتاولى المناورات الغربية على تركيا بعد ذلك ، لتشمل الميدان السياسي ، حيث سيدعم الغرب أطروحة الإنفصال لدى الأكراد، و سيقوم بدعم حزب العمال الكردستاني بالمال و العتاد للقيام بعمليات ضد تركيا ، كما سيقوم الغرب بإستثناء تركيا من الواجب الدفاعي لحلف شمال الأطلسي و ذلك بسحب منظومة باتريوت الدفاعية من الاراضي التركية ، كما ستعرف الانتخابات البلدية التركية الأخيرة ، تدخلا خفيا للغرب من خلال خسارة حزب العدالة و التنمية لمقاطعات مؤثرة في البلاد كمقاطعة إسطمبول ، أما إقتصاديا فقد رأى الخبراء أن أزمة الليرة التركية ، تعد أقوى ضربة و جهت للكيان التركي بعد محاولة الإنقلاب الفاشلة ،إذ تأثر بها الإقتصاد التركي بشكل كبير و مخيف، نتيجة إنهيار قيمة الليرة التركية أمام الدولار ،مما أدى الى موجة حادة من التضخم ، و تراجع الاستثمار في الإقتصاد التركي.
إن تركيا إذن شكلت شوكة في حلق الغرب منذ قرون خلت ، و لازال التخوف من إنبعاثها سائدا لدى اوساط الغرب نتيجة مايتحقق من نجاحات باهرة للدولة التركية، الشئ الذي سيدفع الغرب الى تنويع مناوراته و تسخير قوى اخرى للهجوم على تركيا بشكل من الأشكال.
تعد تركيا دولة مسلمة إذ تقطنها غالبية مسلمة من سكانها ، و تقع تركيا في الشرق الأوسط ، و يشمل حيزها الجغرافي جزءا من أوروربا ، فيما الحيز الباقي و الأكبر ينتمي لقارة ٱسيا ، تتبنى تركيا نظاما سياسيا علمانيا جمهوريا.
تعتبر تركيا بلدا عريقا و ذو رصيد ثقافي غني، و ذلك لبنيته المجتمعية المتنوعة ، و تمركزها وسط قارتين مختلفتين ،تعد تركيا موطنا لأحدى أقوى الامبراطوريات التي شهدها العالم ، وهي الإمبراطورية العثمانية ، حيث كانت تركيا مركزا لها و لحكمها الذي شمل جزءا كبيرة من الأرض، فما موقع تركيا من السياسة الدولية ؟ و كيف تقوم بتدبير سياستها مع القوى الكبرى ؟
لقد عرفت العلاقات التركية الغربية ، نوعا من التحفظ و الإحتياط و التذبذب من كلا الطرفين و ذلك منذ أمد بعيد، فالإمبراطورية العثمانية شكلت منذ نشأتها كابوسا مرعبا ، و تهديدا كبيرا لأوروبا و الغرب عامة نظرا للقرب الجغرافي ، هذا التهديد الذي تزايد مع إتساع الامبراطورية العثمانية ، و قيامها بالتوغل في أوروبا ، و الذي إمتد الى جنوب شرق أوروبا و وصل الى مشارف فيينا، الشئ الذي يجعل الغرب أكثر حذرا و صرامة في مواجهة هذا الكيان الإسلامي القوي،ليتبنى بذلك خططا شيطانية تركزت على إشعال الفتن ، و بث التفككات بين الأعراق المختلفة في جل الأجزاء الشاسعة للإمبراطورية المسلمة، و بالكاد نجح الغرب في مسعاهم هذا ،إذ ستعطي سياستهم هذه أكلها ،خصوصا في أواخر عمر الإمبراطورية العثمانية مع تولي السلطان عبد الحميد لسدة الحكم، هذا الأخير سيكون ٱخر السلاطين العثمانيين ، قبل إنهيار الامبراطورية و سقوطها عام 1922 م.
لقد شكل إنهيار الامبراطورية العثمانية حدثا بارزا ، أثر بشكل كبير على البنية السياسية و الجغرافية للشرق الأوسط، و عموم المناطق التي كانت تابعة للإمبراطورية العثمانية ،أبرزها تركيا التي كانت القلب النابض للإمبراطورية العثمانية، فتركيا ستعرف حراكا سياسيا شاملا ، تولد عنه صعود طبقة سياسية جديدة ، إنتهجت أساليب الحداثة و التطور و الانفتاح على الغرب و السير على خطاه في كل المجالات ،و من هذه الطبقة السياسية نذكر ، مصطفى كمال أتاتورك و الذي تقلد منصب رئاسة تركيا ، و يلقب بصانع الدولة التركية الحديثة.
لقد نهج مصطفى كمال أتاتورك ، سياسة الإنفتاح على الغرب ، و جعلها مبدأ أساسيا ، و نقطة لإنطلاق الإصلاح الشامل في تركيا ، فتطبيقا لنهجه سعى مصطفى كمال أتاتورك الى إجتثاث تركيا من جذورها المشرقية و الإسلامية ، ليلبسها العباءة الغربية ، كمحاولة لإرضاء و دعم حكمه من لدن الغرب، و من ضمن الإجراءات التي إتخذها مصطفى كمال أتاتورك أيضا ، التخلي عن اللغة العربية ، و إعتماد الحروف اللاتينية ، و فصل الدين عن الدولة ، و إعلان تركيا بلدا علمانيا ، لتدخل تركيا بذلك عصرا جديدا في علاقاتها مع الغرب عرفت أوجها ٱنذاك و لم تعرف تركيا مثيلا لها لا قبل و لا بعد ، فقد عرفت العلاقة بين الطرفين انتعاشا قويا على مختلف الأصعدة ، سواء سياسيا أو إقتصاديا أو عسكريا ، بحيث سيتوج هذا الانفتاح بإنضمام تركيا الى حلف الناتو عام 1949 م ،ليستمر هذا التفاهم الغربي التركي لسنوات، رغم ما سيتخلله من سوء تفاهمات خصوصا ابان حرب قبرص و الصراع التركي اليوناني، الى حدود منتصف التسعينيات ، إذ سيشكل رفض الإتحاد الأوروبي للطلب التركي بالإنضمام الى الإتحاد الأوروبي ، نقطة تحول في العلاقات الثنائية ، سيطبعها التوتر و الخلاف ، إذ سيزداد هذا التوتر مع صعود حزب العدالة و التنمية الاسلامي الى الحكم ، الشئ الذي لن يروق الغرب و مصالحه في المنطقة .
لقد سعى حزب العدالة و التنمية التي تبديد تخوفات الغرب من و صوله للسلطة ، و ذلك في عديد خرجاته الإعلامية ، حيث تبنى في سياسته إستمرار الإنفتاح التركي على الغرب، لكن مع مراعات اصول تركيا الاسلامية المشرقية،
إن نجاح حزب العدالة و التنمية في تركيا ، و تحقيقه لمنجزات إقتصادية و إجتماعية كبيرة ، و إخراجه لتركيا من أزمة إقتصادية خانقة ، أدى الى تأجج العداء الغربي لهذا البلد و نظامه الحاكم ، فالنموذج التركي أصبح نموذجا أكثر شعبية ، لا سيما بعد مطالبة الشعوب العربية به إبان حراك الربيع العربي ، الشئ الذي ولد تيارا مضادا من طرف بعض العرب المسلمين ، الذين إنضموا الى الحملة الغربية على تركيا ، بتحريض من أمريكا التي تخاف من عودة النموذج التركي لقيادة العالم الإسلامي من جديد ،ليشن الغرب بعد ذلك حملة شرسة على تركيا بمساعدة بعض الأذناب من العرب المسخرين ،عن طريق دعم الزعيم التركي المعارض عبد الله غولن و إستضافته من طرف أمريكا ، بالإضافة الى تدبير محاولة الإنقلاب الفاشلة عام 2016 م ، للإطاحة بالرئيس رجب طيب أردوغان من قبل و كالة الإستخبارات الأمريكية ، لتتاولى المناورات الغربية على تركيا بعد ذلك ، لتشمل الميدان السياسي ، حيث سيدعم الغرب أطروحة الإنفصال لدى الأكراد، و سيقوم بدعم حزب العمال الكردستاني بالمال و العتاد للقيام بعمليات ضد تركيا ، كما سيقوم الغرب بإستثناء تركيا من الواجب الدفاعي لحلف شمال الأطلسي و ذلك بسحب منظومة باتريوت الدفاعية من الاراضي التركية ، كما ستعرف الانتخابات البلدية التركية الأخيرة ، تدخلا خفيا للغرب من خلال خسارة حزب العدالة و التنمية لمقاطعات مؤثرة في البلاد كمقاطعة إسطمبول ، أما إقتصاديا فقد رأى الخبراء أن أزمة الليرة التركية ، تعد أقوى ضربة و جهت للكيان التركي بعد محاولة الإنقلاب الفاشلة ،إذ تأثر بها الإقتصاد التركي بشكل كبير و مخيف، نتيجة إنهيار قيمة الليرة التركية أمام الدولار ،مما أدى الى موجة حادة من التضخم ، و تراجع الاستثمار في الإقتصاد التركي.
إن تركيا إذن شكلت شوكة في حلق الغرب منذ قرون خلت ، و لازال التخوف من إنبعاثها سائدا لدى اوساط الغرب نتيجة مايتحقق من نجاحات باهرة للدولة التركية، الشئ الذي سيدفع الغرب الى تنويع مناوراته و تسخير قوى اخرى للهجوم على تركيا بشكل من الأشكال.
ليست هناك تعليقات: