الكاتبة: إيمان أيت بابا
لقد واجهت هذا الطرح في لحظات مختلفة من حياتي ، ليس من جهة كوني أنثى ، بل من جهة كوني إنسانا يحس بالآلام الغائرة و الدموع المكتومة والآهات المقموعة لذوات لم يعد من حقها أن تتكلم . إنها إشكالية -زواج القاصرات - ولنكن دقيقين و موضوعين على مستوى اللغة : -اغتصاب القاصرات- .
"إنه موضوع عرضي ، لايلزمنا " : قال لي أحدهم .
هل يمكن أن نفكر في اللون الخارجي للمنزل عندما تكون بنيته مهترئة؟ .. هل يمكن كذلك ، القول ، أن المسألة لاتستأهل وصف الظاهرة ، هاكم الإحصائيات المفزعة عن نسبها في بعض الدول العربية : 52% السودان ، 35% موريطانيا ، 32% اليمن ، 21% فلسطين ،17% مصر ، 16% المغرب .
مايمكن قوله : وحشية مسكوت عنها ، وفظاعة مضمرة في الوعي الإجتماعي.
سنبدأ في عرضنا للحلول ، القول بالأمور ، التي لاينبغي الإستمرار في فعلها . هل يمكن تجاوز نظرتنا الإستهلاكية للمرأة ، والتي تحصرها في الجسد والزواج والمتعة والبحث عن فارس أحلامها ؟ .
هنا يأتي دور الأسرة وعملية التنشئة الاجتماعية على وجه الخصوص . يجب أن نتوقف عن خلط الإجتماعي بالديني، ليس في هذا السياق ، بل في كل السياقات . على الجانب المقابل ، هناك أمور يجب مباشرة استثمارها ، على سبيل المثال ، وسائل التواصل الحديثة ، كنافذة للتحسيس يتساوى في تملكها الجميع ، ومدونات الإنترنت ، أفلام عن الظاهرة ، برامج تلفزية ، مقالات صحفية ... إلخ ، بالإضافة إلى ضرورة النضال القانوني لتغيير أو تعديل القوانين الخاصة بالسن القانونية للزواج ، وتأسيس جمعيات ومنظمات مدنية جادة تهتم بالأمر ، وكذا بالفتيات المعنيات بالأمر . ثم اعتبار (زواج القاصرات) ضربا من المرض النفسي (البيدوفيليا ) ، يحال مرتكبه إلى إحدى المصحات النفسية على وجه السرعة .
أما الخطوة الحاسمة في هذا المضمار ، فهو إصلاح جوهر التعليم ، هل من المعقول الحديث في عصرنا عن فصل تعسفي بين التلاميذ والطلبة على أساس أعضائهم التناسلية ، هل من اللائق الحديث عن حظر التجمع المتعدد الجنس بوصفه خروج عن طبيعة مشروطة بالثقافة ؟ .. على التعليم أن يدمج روح منظومة كاملة تتأسس على الروح النقدية ، ولما لا ، تدريس مادة الثقافة الجنسية .
في هاته المقالة التي تصرخ كلماتها رغبة في الفرار من مستنقع الخيبات واللاإنسانية ، هاته الكلمات التي تعبر عن صراخ ذوات بكماء في عالم مظلم لآذان لا تسمع ، هاته الكلمات التي لم تكتب عبثا بل أنجبت من رحم المعاناة والألم والتجربة الإنسانية ؛ فالفتاة تموت وتسحق كي يستمد هو من هذا وهم الحياة وتحقيق الذات ! .
أودكم أن تآمنوا معي يارجال ويا نساء العالم أن كل فتاة تمتلك نشاطا خاصا بها ، أنها تتميز بقوة بركانية بإمكانها قلب موازين العالم ، أنها صاحبة كيان وإرادة وقدرة ، آمنوا معي أن صوت فتاة حرة ، أن عقلا واحدا ، أن تقديرا لقيمتها الوجودية هو خروج العالم من الفصام الذي يعيشه مع ذاته .
علموا أبنائكم أنهم الوطن ، المستقبل ، الأمل .. ولا تنسوا أن تخبروهم أن أفزع شيء هو موت فتاة على قيد الحياة !
ليست هناك تعليقات: