أحدث المواضيع

3/recent/post-list

الديربي بين مطرقة الجماهير وسندان السياسة

الديربي بين مطرقة الجماهير وسندان السياسة
كاتب الموضوع: عبد الحفيظ ت
ان المتتبع العميق للشأن الكروي المغربي يلاحظ بالملموس ان ما يقال على الفضائيات والتحليلات هي مجرد ترهات هي مجرد صورة ضبابية عن واقع كروي مليء بالتناقضات، ويمكننا القول انهم يحاولون تلوين هذا الشأن بالألوان ولكننا في حقيقة الامر لا زلنا في العصور الغابرة لتضارب القوى واشتداد الصراع بين الحاكم والمحكوم، انها هيمنة خفية تمارس في دهاليز معشوقة الجماهير.
لأنه لكي تروض الجماهير عليك بفهم سيكولوجيتها، وفهم هذه السيكولوجيا يعطيك صورة عميقة لإزدواجية للصراع وظهوره في ابهى حلة.
وحتى نوضح تصورنا حول هذه اللعبة القذرة بين معشوقة الجماهير وتدخل لهيمنة عمياء للتحكم في سكولوجية الجماهير،  ربما هذا المسعى  لا يظهر باستمرار لكوننا وصفناها بأنها خفية لكن عند المواعيد الكروية الكبرى نموذج _ الديربي _ الرجاء # الوداد، في مدينة مليئة بالتناقضات والتفاوتات الصارخة كمدينة البيضاء يتوقف قلبها النابض وحاشيتها عن الحركة وتلاحظ وجوه شاحبة داخل المقاهي تنتظر لساعات بفارغ الصبر حلول هذه اللحظة بكل عشق ومعاناة، نعم هي معاناة الفقر والبؤس لكنهم ينتظرون تلك اللحظة للمواجهة بين الفقر في جهة داخل المقهى والبؤس في الجهة المقابلة يصرخون ويتبتدلون التهم والعبارات النابية لمحاولة سيطرة طرف على الاخر، وينتظرون زلة معينة من فريق الخصم او لقطة فنية من طرف لاعب فقير من كل النواحي البدنية والفنية للقيام بلقطة بسيطة وسطحية جدا حتى تسمع الصراخ والعويل كما لو انك داخل حديقة لحيوان الغوريلا ينتظر مثيرا لكي يحرك جسمه باستجابات قوية، تلك هي لحظات يعشقها عاشق الرجاء أو الوداد، لكن هذا الحب القاتل والمدمر عند ملاحظته تجد انه يحمل في طياته حقدا دفينا اتجاه الاخر أي اننا نحيا في لحظة مفصلية يتبين فيه الشرخ الاجتماعي والعدوان الذي نمارسه في حق بعضنا البعض ونعلن عن رفض التعايش المشترك وعن جهل دفين بشروط الروح المدنية تلك هي بعض ملامح سيكولوجية الجماهير لكن هذا الصراع البينذاتي للجماهير هو في حقيقة الأمر موجه من الخارج لصنع كراكيز تفكر في غريزتها بدل توجيه فكرها نحو هذه الهيمنة الخفية والمطلقة. 
لكن هذه السيكولوجية سرعان ما تصطدم بالسلطة الناعمة تلك السلطة التي تحور كل شيء وتجعلها في خدمتها، لكن القنوات الفضائية لا تقوم بنقل الحقائق بل تكون في خدمة هذه الإديولوجية الخطيرة التي ترجح كل شيء لخدمتها.
لنبدأ بتحليل هذا الصراع الطاحن والناعم والجميل في الظاهر لنبدأ من الاجراءات التي تسبق كل مبارة، فما لا يجب ان يهرب من اذهاننا هي تلك القيود التي تمارسها السلطة على الالتراس لكن رغم ذلك بدأت بواذر الانفراج تظهر وبدأت مدرجات ملاعبنا الوطنية تتلألأ وتنفرج بهتافات تظفي طعما جميلا على الساحرة المستديرة، لكن في هذه الذروة الجماهيرية سيتم اقرار الاصلاحات على ملعب دونور وسيتم نقل مبارة الديربي الى مراكش سيعترض احدهم للقول ان القرار تم اتخاذه لأسباب ( كأس افريقيا للامم) مثلا لكن المغرب سحب ملف الترشيح سيقول قائل لأسباب  سياسية، سنقول ليس لنا في السياسة ولكن كان بالامكان تأخير ذلك لما بعد الديربي لأن الملعب في ابهى حلة ، لم نقبل هذه الإعتراضات لأن الامر موجه وفق ارادة/ قوة ناعمة تتحكم في كل شيء...
لندع ذلك الامر وننتقل لمسألة اخرى وهي الاختيارات التي تقوم بها الجامعة الملكية لكرة القدم للتحكيم، لماذا رضوان جيد ؟ لماذا لحرش ؟ هل بطولتنا الوطنية لا يوجد فيها سوى حكمين فقط؟ قد يعترض قائل بأنهما الافضل، ربما لكن في ذلك جدل كبير ان المرجعية التي يشرب منها هذين الحكمين هي مرجعية سلطوية متينة لدرجة يكفيك تحريك محرك البحث غوغل للبحث عن سيرتهما الذاتية ستجد قولا طويلا حول صرامتهما التي تشبه صرامة المخزن في الساحة السياسية، لكمنها ينقلانها للمستطيل الاخضر انهما الوجه الخفي لترويض للجماهير، وعد الى ما قاله مدرب خنيفرة حول الحكم رضوان جيد بانه يستعبد المدربين ويدير المبارة بقبضة من حديد، ربما هذا رأي شخصي في قاضي المباراة لكن يشاطرني فيها الكثير من الناس، وقد يعترض شخص بالقول ان عقلية اللاعب المغربي عقلية هاوية وبالتالي يجب ان تكون الصرامة قبل كل شيء لإخراج المبارة لبر الامان انه نفس الرد الذي رد به الحكم رضوان جيد عند سؤاله حول النازلة والاتهام الذي قاله عنه مدرب خنيفرة، لكن في حقيقة الامر هذين الحكمين يقومان بتسيير المبارة بقبضة حديديةلدرجة انهما يجهضان اي محاولة بمجرد احتكاك بسيط لكي يقومان بايقاف اللعب وتهدئة الوضع ان كرة القدم تتطلب حكما عادلا لا شخص يصفر في كل ثانية، كما يمكننا ان نتساءل ألا يوجد حكم يكون عنده الكفاءة المهنية لإدارة المبارة، قد يكون الجواب بلا لكن لما لا نعطي الفرصة للاخرين؟ ان الجواب يعرفه البعض وهو لا نجد حكام يخدمون السلطة الناعمة ويعملون على ترويض تلك السيكولوجية وتعمل على خلق نوع من الصراع والعنف لكي تتدخل السلطة بشكل علني، او لنقل هناك توجه خفي يشرعن التدخل في كل شيء، اما فيما يخص التحكيم فإن الامر فيه حيثيات خفية تبين ان الكرة هي وسيلة للسيطرة والالهاء ونخلق بها كراكيز همها الوحيد الخنوع والإنجراف لا الإنسان الراقي النموذجي ولهذا يتم اختيار نوعية من الحكام لكي تسير الامر كما تحب السلطة لا كما تحب الجماهير ويظل كل شيء تحت السيطرة .
لنعد الٱن الى الإتفاق التاريخي بين الإلتراس وبيان المقاطعة، ان هذا البيان كان صدمة للسلطات وصدمة لمسيري الجامعة لأنه وضع الكثير من علامات الاستفهام حول معشوقة الجماهير ومدى تدخل السياسة في تسييرها،  والتحكم في مسارها لأن نقل مبارة يستضيفها فريق الرجاء ويصنع فيها العشاق في البيضاء لوحات يتغنى بها العالم، ويكون التأثير الجماهيري قويا بل يبلغ مداه، يكون انا ذاك من الصعب جعل المبارة تلعب في جو رياضي يتيح المتعة الكروية ويعطي للاعب فرصة الامتاع وللاستمتاع لأن هزيمة احد الفريقين كفيل بإشعال البيضاء لذلك يتم افتراء الامر ونقلها لمكان اخر لكي تظهر السلطة عدالتها لكن هذه العدالة الا يمكن ان تحقق في بيتها؟
تلك هي رؤية حول اجواء الدربي المغربي يدور حوله اسئلة حارقة تسائل الجوهر السياسي والكروي ببلادنا لأنه ببساطة نحن امام ديربي بنكهة رياضية لكنه يحمل في طياته نفخات سياسية غرضها السيطرة وبسط السلطة الناعمة على الجماهير وجعلهم داخل دوامة متحكم فيها ولا مجال للصدفة، إننا امام عنكبوت يسيطر علينا حتى في هوايتنا وفي جوهر تفكيرنا .

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.