أحدث المواضيع

3/recent/post-list

'هولاكو خان' ..إمبراطور الدم


'هولاكو' ..إمبراطور الدم
الكاتب: العلوي حسن
لقد أدت النزعة التوسعية ،و السعي الكبير للسلطة والنفوذ في القرون الماضية، إلى بروز شخصيات دموية تركت بصمتها في التاريخ الإنساني، فبقدرما شكلت مصدر رعب و خوف لدى البعض، أعتبرت مصدر فخر و إعتزاز لدى البعض الٱخر،بغض النظر عن الماضي الأسود و الدموي الذي عاشته تلك الشخصيات،ومن ضمن هذه الشخصيات التاريخية نذكر الزعيم المغولي التتري ( هولاكو خان )، فمن هو ( هولاكو خان ) ؟ و أين تجلت دمويته ؟ و ماهي إنجازاته ؟ و كيف كانت نهايته ؟
ولد ( هولاكو ) عام 1217 م ،وهو حفيد ( جنكيز خان ) مؤسس دولة المغول ( منغوليا ) حاليا ، أبان منذ صغره عن ذكاء متقذ،و براعة كبيرة في فنون الحرب و الصيد ،كان يتصف بصفات جده البطولية ، الشئ الذي  سيأهله لتولي الحكم عن والده ( تولوي خان ) عام 1256 م.
لقد كان لدى ( هولاكو ) هوس توسعي رهيب ، و تعطش كبير للدماء ، إذ مباشرة بعد توليه الحكم ، سيغير على بلاد فارس و العراق ، و يحتلها و يتوسع فيها ، و سيخضع الإسماعليين الذين حكموا هناك ، و سيهزمهم شر الهزائم، بل سيخضع أيضا المراكز التابعة لهم في الشام بسهولة و بدون حرب و ذلك عام 1257 م.
تميز ( هولاكو ) عن جده ووالده بإهتمامه الشديد بالعلم و العلماء ،اذ كان ينظم مجالس العلم و يغدق على العلماء و الفلاسفة ،كما كان شديد الإعجاب بالإسلام و الثقافة الإسلامية، و التي كانت في اوجها ٱنذاك ممثلة في الدولة العباسية في بغداد.
هذا الإعجاب و الإهتمام الممزوج بالهوس  السلطوي،سيدفع ( هولاكو ) الى التفكير في غزو الدولة العباسية ،حيث سيقوم بمراسلة الخليفة العباسي ٱنذاك ( المعتصم بالله العباسي ) ،طالبا منه الخضوع و الإستسلام و السمع و الطاعة ،لكن الخليفة العباسي تجاهل هذه التهديدات،ليرد على ( هولاكو ) بالإستعداد للحرب ليحشد ( هولاكو ) بعد ذلك قواته الهمجية على مشارف بغداد ، و يباغث الجيش العباسي بجيشين قسم من الشرق و قسم من الغرب.
واجه العباسيون جيش المغول بقوة و شراسة في بداية الحرب ،لكن أعداد المغول و قوة عتادهم و ذكاء خططهم، قضت على تماسكهم و عجلت بهزيمتهم و هلاكهم بما في ذلك الخليفة ( المعتصم بالله ) ،الذي قتله المغول و مثلو بجثته لتسقط بذلك بغداد في يد المغول ،في واحدة من أشهر و أكبر الهزائم التي عاشتها الدولة الإسلامية عبر التاريخ، وكان ذلك عام 1258 م.
لقد عاث المغول في بغداد فسادا ، فقتلو رجالها و استحيو نسائها و انتهكو البيوت و أحرقو الزرع و الشجر، و دمرو الٱثار و لوثو المياه ، كما خربو مكتبة بغداد و أحرقو كتبها و مستنداتها ،و رمو بعضها في النهر حتى تعبر فوقها جيوشهم.
لقد إستمر طغيان ( هولاكو ) بعد ذلك ،حيث سيقوم بإخضاع مناطق أخرى كبلاد الشام ( دمشق،حلب،حماة...) ،لتزداد أطماعه للذهاب بعيدا في سياسته التوسعية،إذ سيقوم ببعث مرسوليه الى ملك بلاد مصر ٱنذاك ( سيف الدين قطز ) ، هذا الأخير الذي كان صارما أمام تهديدات ( هولاكو ) ، حيث سيقوم بقتل مرسولي ( هولاكو ) , و رفض كل أشكال تهديداته، ليعلن المواجهة و الحرب ضد المغول ، لتنطلق شرارة الحرب بين الطرفين من فلسطين في 15 من رمضان 1260 م ،و بالضبط في مكان يدعى ( عين جالوت ) .
لقد شكلت معركة ( عين جالوت ) الشهيرة ، نقطة النهاية لإنتصارات جيوش المغول ،و حدا لجورهم و ظلمهم و طغيانهم في الأرض،فقد إستبسل المسلمون ٱنذاك في الدفاع عن مصر ،في ملحمة عظيمة انهت سيطرة المغول،ليتم اللحاق بالجيش المغولي و رده الى حدود الشام ،محررين بذلك حيزا كبيرا من الأراضي التي إحتلها ( هولاكو ) منذ توليه الحكم . لم يستسلم ( هولاكو ) رغم الهزيمة على يد المسلمين و كسر شوكته في الشرق ،لكن غير سياسته فأنصب على الإهتمام بإصلاح دولته من الداخل،و التي ما فتأت قد شهدت مناورات و إنقسامات،خصوصا بعد تمرد إبن عمه ( بركة خان ) و إعتناقه للإسلام و تحالفه مع ( الظاهر بيبرس ) سلطان مصر و الشام ٱنذاك،لكن كل هذه التطورات لم تؤثر على حكم ( هولاكو ) و استقرار دولته ،التي اسسها على اسس محكمة قوامها الرعب و الخوف و القتل. توفي ( هولاكو ) عام 1265 م ، و هو في اوخر سن الاربعين من عمره،نتيجة مرض مزمن قديم ، عزله في ٱخره ايامه و لزمه الفراش،فقد مات ( هولاكو ) مخلفا موروثا و غنى كبيرين في التاريخ الإنساني ، أثار إعجاب المهتمين للشأن التاريخي و تاريخ الامبراطوريات ،اذ يعتبر مثالا يحتدى في الإصرار و الطموح خاصة لدى ابناء بلده الذين مازالو يحترمونه و يحترمون ماضيه،رغم ماحفل به من إراقة الدماء و قتل للأبرياء

هناك تعليق واحد:

  1. مقال رائع ومعلومات مفيدة شكرا

    ردحذف

يتم التشغيل بواسطة Blogger.